Eye Witness

بعد أكثر من عشر سنوات أمضيتها (نازح) بين قرى الريف الشمالي لمحافظة حماه ومركزها، انتقالاً لمدينة حلب ومن ثم ريف دمشق حيثُ أقيم حالياً، أعود إلى قريتي (مورك. لم أجدُ منزلي الذي تغيرت ملامحه بعد الحرب حيث كانت قريتي خط اشتباك عنيف لموقعها الجغرافي الذي يفصلها عن ريف إدلب الجنوبي بضعة كيلومترات فقط.

ملامح الطفولة بدأت تتجسد أمامي فور وصولي. كانت عيناي ترسمان تفاصيل الماضي التي عايشت فيها أفراح العائلة وأحزان الحرب. وفي كل زيارة مؤقتة إلى القرية أحمل كاميرتي معي وكأنها الأداة التي ستعيد لي ما فقدته من ذاكرتي عن زمن سبق الحرب، لذا أسعى مؤخراً لالتقاط لحظات تحمل معي التاريخ متجسداً في حواجب الجدران المتصدعة وابتسامات الأجداد والأطفال والارتباط بالأرض. أراهم وكأنهم يقولون للعالم: "نحن هنا، نحمل في قلوبنا تراثاً من الشجاعة والصمود" وهذا ما أريد أن أقوله من خلال صوري، أن أروي بلغتي البصرية مشاعري تجاه عائلتي و المكان

يهدف المشروع الفوتوغرافي الوثائقي إلى إلقاء الضوء على الوجوه التي تحمل قصصاً عميقة في قرية "مورك" في ريف حماة الشمالي، وذلك بعد عودتي إلىها من النزوح باحثاً فيها عن ذاتي من خلال ما تبقى منها بعد الحرب. أوجه النظر إلى الحياة اليومية للعائلة وعلى بناء حوارات جديدة حول الذاكرة والتراث وخاصة ذلك المتعلق بالارتباط بالأرض ومهنة زراعة الفستق الحلبي المتميزة في المنطقة. كل صورة تروي حكاية فريدة من نوعها، تُظهر القوة والإرادة التي يتمتع بها أفراد المجتمع، وكيف أثرت الحرب على مصائرهم وأحلامهم، وكيف أُعيد بناء الحياة اليومية الاعتيادية رغماً عن الصعوبات والتحديات. التوثيق الدقيق لهذه اللحظات يعكس ليس فقط تأثير الحرب، بل أيضًا قدرة المجتمعات على النهوض